أخبار اليومرياضةليبيا

“الهوليغانز”…تاريخ دموي داخل وخارج الملاعب يتطلب عقوبات صارمة للحد من مخاطرة

تقرير:
سيف الدين بن مشري

شهدت البلاد خلال هذا الأسبوع حادثتين مروعتين ترجع في الأصل الي شغب الملاعب، وذلك بعد الاعتداء الهمجي على نادي الخمس في مدينة تاجوراء وهو عائد من انتهاء مباراته مع الملعب الليبي في الجولة العاشرة للدوري الليبي الممتاز لكرة القدم، وبعدها بيومين الاعتداء على حافة نادي الأخضر في مدينة بنغازي ومنعه من اللعب.

أعاد “الهوليغانز” أو شغب الجماهير أو التراس الأندية الذاكرة إلي ما شهدته الملاعب هذا الموسم من حوادث سواء في كرة القدم أو اليد من تعدي على اللاعبين أو المنشآت أو الجماهير المنافسة، ما دعا حكومة الوحدة الى إقامة المباريات من دون جماهير، ورغم ذلك استمر الشغب ليصل إلى خارج الملاعب، ما ينبأ بنشائه “الهوليغانز” في البلاد، وهو الأمر الذي يتطلب إجراءات أكثر صرامة.

الملاعب الليبية لم تكن الاستثناء في ظاهرة شغب الملاعب، حيث عانت الدول العربية والعالمية من سلوكيات مشجعي الأندية حيث خلفت حوادث شغب دامية تسببت في سقوط قتلى وجرحى سواء في الدول العربية أو الأوروبية أو الأمريكية.

– تعريف ونشأة “الهوليغانز”

“الهوليغانز” بدأت نشأة في بريطانيا، ثم انتشرت عبر العالم، وهو تبنى مجموعات من الجماهير منهجا عنيفا في تشجيع فرقها يصل إلى الاعتداء الجسدي، وقد تركت أفعالها جراحا غائرة في الذاكرة الكروية، بسبب سقوط عشرات القتلى والجرحى، وتعود جذوره إلى نهاية القرن التاسع عشر مع بدء ظهور الأندية الإنجليزي، وسبب التسمية أن “هوليغان” كلمة إنجليزية تعني المشاكس أو العنيف أو الشخص صاحب السلوك المدمر، بل حتى الدموي السفاح.

– شغب الجماهير في الدول العربية

فإن اقتصر الأمر في ملاعبنا حتى الآن على الإصابات لتي لحقت باللاعبين أو الحكام وقد يصل الأمر إلى القتل، فلابد من المسؤولين التحرك بجدية وصرامة من أجل عدم تطور الأمور وتحدث فواجع يندم لها الجميع، كما حدث في مصر على سبيل المثال، خلال مباراة النادي الأهلي مع النادي المصري عام 2012، بعدما لقي 77 شخصا مصرعهم وأصيب أكثر من 1400 بجروح بعضها خطر، إثر اقتحام جماهير النادي البورسعيدي الملعب بعد نهاية المباراة.

وكذلك ما حدث في 2 أبريل 2009 خلال مباراة الزمالك المصري ضد الأفريقي التونسي بالقاهرة، بعدما اجتاحت الجماهير المصرية الملعب، واعتدوا على اللاعبين.

وأيضاً ما حدث يوم 14 نوفمبر 2009، من اعتداء جماهير منتخب مصر على لاعبي الجزائر في القاهرة ضمن نهائيات كأس العالم.

وتكررت الحوادث في عدة دول عربية منها المغرب، حيث اضطرت السلطات في 2016 لاتخاذ قرار بحل حركة الألتراس في البلاد بعد وقوع حوادث شغب في كل من الرباط والدار البيضاء ومدن أخرى، خلفت سقوط قتلى وعشرات الجرحى، وأعمال تخريب واسعة في الممتلكات العمومية.

وخلال دوري أبطال أفريقيا 2000 في اللقاء بين الترجي التونسي وهارتس أوف الغاني تسبب “الهوليغانز” بمقتل ما لا يقل عن ستة أشخاص، والاعتداء على لاعبي الترجي، ما دفع الكاف لإيقاف هارتس لمدة سنة عن اللعب.

ويطلق مشجعي الأندية على أنفسهم أسماء غريبة توحي بالعنف، من بينها “ذو هيرد” لنادي أرسنال، و”الجيش الأحمر” لمانشستر يونايتد، و”ييد آرمي” لنادي توتنهام، وذلك إلى جانب رابطة “نادي الانتحاريين” المشجعة لفريق نادي بيرنلي، و”طاقم عمل السيوف” لنادي شيفيلد يونايتد.

– حوادث مروعة في الملاعب العالمية

وتسببت ظاهرة “الهوليغانز” في عشرات الحوادث الدموية داخل البطولات المحلية والأجنبية، من أبرزها ما وقع خلال تصفيات أولمبياد طوكيو 1964، حيث قام هوليغانز الفريق البيروفي باقتحام الملعب في لقاء فريقه مع الأرجنتين، وتسبب في سقوط 327 قتيلا على الأقل، نتيجة للتدافع.

وفي عام 1974 خلال كأس الاتحاد الإنجليزي بين نوتنغهام فوريست ونيوكاسل، اقتحم مشجعي نيوكاسل الملعب وتهجموا على اللاعبين والمشجعين، ونقل 23 شخصا إلى المستشفى.

وفي نهائي دوري الأبطال عام 1975 بين بايرن ميونيخ وليدز يونايتد، اعتدى الهوليغانز على جماهير البايرن مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى إيقاف النادي أوروبيا، وفي عام 1977 عوقب اليونايتد باللعب خارج ملعبه لاعتداء جماهيره على جماهير سانت إتيان الفرنسي.

وسيبقى تاريخ 13 مارس 1985عالقا في الأذهان، عندما واجه لوتون تاون صاحب الملعب فريق ميلوول ضمن ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، حيث اقتحم هوليغانز ميلوول الملعب وحاولوا الاعتداء بالضرب على لاعبي لوتون تاون، وعاثوا فسادا في الملعب وكسروا وخربوا التجهيزات، وخرجوا إلى المدينة واستكملوا تخريب منشآت عمومية، مما دفع السلطات البريطانية إلى تشكيل مجلس لمحاربة الظاهرة ووضع حد لها، وقد خلفت تلك الأحداث نحو 81 جريحا بينهم 31 رجل أمن.

وبتاريخ 29 مايو 1985 وقعت واحدة من أسوأ الأحداث المرتبطة بالهوليغانز عبر العالم، وذلك في إستاد هيسل في بلجيكا، خلال مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا التي بين ليفربول الإنجليزي ويوفنتوس الإيطالي، حيث اتجه الهوليغانز نحو جماهير اليوفي التي حاولت الهروب، فسقط أحد الجدران فوقهم مما تسبب في وفاة 32 مشجعا لليوفنتوس، وجرح نحو 600 شخص، في حين توفي سبعة من المتفرجين المحايدين.

ومع يورو 2016 الذي احتضنته الملاعب الفرنسية اشتبكت جماهير إنجليزية مع جماهير روسية إلى جانب الشرطة في مدينة مارساي، مما خلف إصابات، واضطرت الشرطة للتدخل لأكثر من يومين ووضع حد لأعمال الشغب، ما دفع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالتهديد بإقصاء المنتخبين الإنجليزي والروسي في حال استمر الهوليغانز بالتسبب في مشاكل أمنية للبلد المضيف.

– عقوبات للحد من الظاهرة

وللحد من الظاهرة في أوروبا وفي محاولة لمنعها سارع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ قرارات صارمة منها منع الفرق الإنجليزية من المشاركة في البطولات الأوروبية خمس سنوات، ومنع ليفربول ست سنوات، مع التهديد باتخاذ عقوبات أشد صرامة إن لم يتم اتخاذ قرارات لاستئصال الظاهرة.

فيما اتخذت السلطات البريطانية عدة قرارات حاسمة لمواجهة شغب الملاعب منها منع العناصر المشاغبة من دخول الملاعب إلى الأبد، إلى جانب السجن المشدد فترات طويلة، مما ساهم في التخفيف من حدة الظاهرة.

ما تم سرده يتطلب منا معرفة خطورة استمرار الجماهير في الاعتداء على لاعبي الفرق وبعضها البعض، ويدفع المسئولين لاتخاذ قرارات حاسمة ورادعة للقضاء على الظاهرة قبل تفشيها في المدن والملاعب الليبية ولا يتوقف الأمر على إصدار بيانات الشجب والاستنكار، مع أخذ الوضع الأمني في الحسبان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى